قالَ الإمامُ عليٌّ -عليهِ السَّلامُ- : (لِلعادَةِ عَلى كُلِّ إنسانٍ سُلطانٌ، وأنَّها عَدوٌّ مُتَمَلِّكٌ وقَاهِرٌ )، إذْ قَد يَقَعُ الأطفالُ في عَادَةٍ سَيِّئَةٍ تدفَعُهُم للسَّرِقَةِ وأخذِ أغراضِ الغَيرِ، نَعَمْ، قَدْ نَستَطِيعُ التَّبريرَ لـِما صَدَرَ عَنهُم بأنَّهُ يستَنِدُ على عَفَوِيّةٍ أو عَنْ نِيَّةٍ غيرِ سَيِّئَةٍ، ولكنْ يَجِبُ أنْ يُمَرَّنَ الطِّفلُ على احترامِ خُصوصِيّاتِ الغَيرِ، وإفهامُهُ بأنَّ ذلكَ يُعتَبَرُ سَرِقَةً، وَهُوَ أمرٌ مَذمُومٌ ويُدانُ عَليهِ الفَردُ ويُعاقَبُ في القانونِ، ولَهُ في الآخِرَةِ عِقابٌ أليمٌ.
هُناكَ سِتَّةُ أُمورٍ تَدفَعُ الأطفالَ إلى السَّرِقَةِ فتَعَرَّفْ عَلَيها:
أوّلاً: عندَما يَعتادُ الطِّفلُ على المَصروفِ اليَوميِّ ثُمَّ لا يُعطَى أو يُحرَمُ منهُ، فإنَّ ذلكَ قَدْ يَدفَعُهُ الى التفكيرِ بالبَحثِ عَنِ النُّقودِ، وحِينَها يُحاوِلُ أخذَها بأيِّ طَريقٍ اتَّفَقَ، ويُحاوِلُ ذلكَ بخِفيَةٍ، فَمِنَ المُفيدِ وَضعُ برنامجٍ لمُشترياتِهِ ومُتابَعَتُهُ بعِنايَةٍ لِيَلتَزِمَ بِهِ.
ثانياً: اَلمُحَاكَاةُ وَالتَّقلِيدُ لِأَصدِقَائِهِم وَالتَّأَثُّرُ بِحَدِيثِهِم عَن مُغَامَرَاتِهِم حَولَ جُرأَتِهِم فِي أَخذِ اَلنُّقُودِ مِن أَهلِهِم دُونَ عِلمِهِم، أَو سَرِقَةِ بَعضِ اَلحَلَوِيَّاتِ..
ثالثاً: اَلتَّأَثُّرُ بِمَا يُشَاهِدُونَهُ فِي اَلأَلعَابِ اَلإِلِكتِرُونِيَّةِ وَأَفلَامِ اَلكَرتُونِ وَالأَفلَامِ اَلبُولِيسِيَّةِ ذَاتِ اَلمُحتَوَى اَلسَّلبِيِّ اَلَّذِي يَتَضَمَّنُ قِصَصَ اَلسَّطوِ وَالسَّرِقَةِ وَالمُطَارَدَةِ وَمَا شَابَهَ، وَاَلَّتِي تُظهِرُ اَللِّصَّ بِدَورِ اَلبُطُولَةِ وَالنُّجُومِيَّةِ.
رابعاً: اَلفُضُولُ وَحُبُّ اَلتَّعَرُّفِ قَد يَدفَعَانِ بِالأَطفَالِ إِلَى أَخذِ مُقتَنَيَاتِ اَلآخَرِينَ بِدَافِعِ مُشَاهَدَتِهَا عَن كَثَبٍ، كَأنْ يَأخُذُ أَقلَامَ اَلتَّلوِينِ لِأَخِيهِ، أَو يَأخُذُ عُلَبَ اَلحَلوَى، أَو يَأخُذُ بَعضَ اَلمَصُوغَاتِ...
خامساً: اَلفَقرُ وَالاحتِيَاجُ، وَهُوَ مِن اَلدَّوَافِعِ اَلوَاقِعِيَّةِ اَلَّتِي تَضطَرُّ اَلأَطفَالَ إِلَى سَرِقَةِ اَلنُّقُودِ وَالطَّعَامِ أَو اَلحَلَوِيَّاتِ وَالعَصَائِرَ وَالمَلَابِسِ، أَمَّا بِوَازِعِ اَلجُوعِ فِعلاً، أَو لِلظُّهُورِ بِمَظهَرِ اَلأَغنِيَاءِ.
سادساً: قَد يَتَوَرَّطُ بَعضُ اَلأَطفَالِ فِي مَشَاكِلَ شَخصِيَّةٍ مَعَ أَصدِقَائِهِم، وَيَتِمُّ تَهدِيدُهُم وَابتِزَازُهُم مِنْ قِبَلِ أَقرَانِهِم اَلمُتَنَمِّرِينَ إِذَا لَم يُنَفِّذُوا أَوَامِرَهُم، فِيلجَؤوا إِلَى اَلسَّرِقَةِ لِدَفعِ اَلمَخَاوِفِ اَلمُحتَمَلَةِ، أَو قَد تَبتَزُّهُم بَعضُ اَلعِصَابَاتِ وَتُرغِمُهُم عَلَى اَللُّصُوصِيَّةِ، مُستَغِلِّينَ بَرَاءَتَهُم وَصِغَرَ أَعمَارِهِم.